- دور الطبيب والصيدلي في حماية المجتمع من آفة الإدمان .
لا يعني الإدمان بالضرورة ، تعاطي المواد غير الشرعية ، بل يشمل أيضاً تعاطي مواد أخرى لها خاصية الإدمان ، كالمواد الموصوفة طبياً ، فضلاً عن المخدرات الطبية التي يساء استعمالها ، أضف إلى ذلك الأدوية التي يستعملها المدمن للتعويض عن المواد المخدرة أو لتخفيف العوارض الانسحابية الناجمة عن عدم حصوله على جرعة المخدر المطلوبة خلال فترة زمنية محددة .
إن انتشار الدمان بين جيل الشباب على وجه الخصوص ، قد تحول مع الأسف إلى آفة اجتماعية خطيرة أصبحت تنتشر بسرعة كبيرة بين أفراد المجتمع ، ولعل هذه الآفة تختلف عن باقي الأمراض (المعدية) بأن ظروف تكاثرها وانتشارها لا ترتبط ببيئة أو بمستوى اجتماعي محدد ، فهي تنتشر في المجتمعات الغنية والفقيرة على حد سواء ، مع الاختلاف في نوع المخدر ودرجة نقاوته وطريقة تعاطيه ، إلا أن النتيجة واحدة ، وهي التفكك والانحلال على مختلف المستويات الاجتماعية ، والجنوح نحو العنف والجريمة .
لا شك أن الابتعاد عن الدين لدى بعض جيل الشباب هو السبب الأساس لجنوح هؤلاء نحو الإدمان ، إلا أن هناك قلة قليلة سلكت هذا الطريق دون إرادة منها ، وذلك إما حباً بالتجربة مع الجهل بالعواقب ، أو أنها كانت ضحية لرفاق السوء الذين أرادوا أن يجروها من غير علم منها نحو طريق الانحراف والضياع .
إن المسؤولية الملقاة على عاتقنا تجاه أهلنا ومجتمعنا ، تفرض علينا أن نتعاون ونتشارك جميعاً ، كل من موقعه ، في تحمل هذه المسؤولية لمحاصرة هذه الآفة والحد من انتشارها وتغلغلها في المجتمع ، ومن هنا كان لا بد من الإضاءة على المهمة الكبيرة الملقاة على عاتق الاطباء والصيادلة في هذا المجال .
إن أسهل وأكثر أنواع الإدمان انتشاراً هو الذي تكلمنا عنه سابقاً ، والمنتشر في صفوف بعض طلاب المدارس والجامعات ، وهذا النوع غالباً ما يكون على الحبوب والمواد الطبية المهلوسة ، والتي تملك خاصيات طبية دوائية لعلاج بعض الأمراض ، وليس على المخدر المباشر ( كالحشيش أو البودرة الاستنشاقية أو أبر المورفين )، كما إن سهولة الحصول على هذه المواد – الطبية – من قبل المدمن وسعرها المنخفض نسبياً ، جعل تجربة هذه المواد أمراً سهلاً ومتاحاً للجميع ، فأصبح البعض يدّعي أنه يعاني من ألم حاد في أحد أعضاء جسمه ليحصل على علبة دواء مسكّن يحتوي على مادة Dextropropxyphene وهو أحد مشتقات المورفين ، وهو دواء لا يحتاج إلى وصفة طبية وسعره أقل من ثلاثة آلاف ليرة فقط للعبوة الواحدة ، أو يطلبون دواءً للسعال الناشف يحتوي على Codeine وهي أيضا من مشتقات المورفين ، وتستعمل هنا بكميات خفيفة لتهدئة السعال .. والنتيجة : الحصول على مشتقين للمورفين ، أخذ المدمن يتفنن في عمليات المزج والاستخلاص لينتهي الأمر بتناول المزيج دفعة واحدة في إحدى السهرات المنحرفة والحصول – واهماً- على النشوة المرغوبة .
إن الأدوية التي تكلمنا عنها هي نماذج بسيطة لسلسلة تطول ، وهي جميعها غير مصنفة وفق القانون على أنها من الأدوية المخدرة أو النفسية ، وبالتالي فإن الصيدلي غير ملزم بالاحتفاظ بوصفة الطبيب مقابل صرف هذه الأنواع على غرار الأدوية الأخرى مثال ( Rivotril – Xanax – stilnox –Valium – Lexotanil ) والمصنفة كأدوية نفسية أو عصبية أو منوّمة .
لعل من أبلغ الصفات التي أطلقت على الصيدلي هي صفة الحارس الصحي ، ذلك أننا إذا نظرنا إلى الصيدلية بما تحويه من أدوية خطيرة أو مخدرة أو مهدئة أو منومة .. فإننا نجد أن الصيدلي هو الحائل الوحيد بين هذه الأدوية وبين وصولها إلى من يرغب في استعمالها لغايات شريرة أو غير أخلاقية ، ومن هنا فإن الدور الذي يلعبه الصيدلي الحريص على الأمن الاجتماعي ، هو من أهم وأخطر الأدوار ، وهو لا يقل أهمية عن دور رجل الأمن في حماية المواطن ، ذلك أن المطلوب منه هو الابتعاد عن كافة المغريات المادية التي قد تعرض عليه ، وأن يكون جاهزاً لمواجهة أي تهديد قد يتعرض له ، والبقاء يقظاً ساهراً للتمييز بين المريض والمدمن ، والانتباه إلى أبسط الأشياء ابتداءً من الحقنة مروراً بأدوية السعال وانتهاءً بالأدوية المخدرة المسجلة على وصفة مزورة .
وأما دور الطبيب ، فهو لا يقل أهمية عن دور الصيدلي في هذا المجال ، فالأدوية الخطيرة مرورها الزامي من عيادة الطبيب ، ولا يمكن للصيدلي صرفها بدون وصفة طبية تظهر فيها مدة العلاج والجرعات اليومية المطلوبة ، ومن هنا كان لا بد للطبيب من الانتباه إلى دفتر الوصفات وإبقائه في مكان بعيد عن متناول من قد يسيء استخدامه ، والاستماع الدقيق لقصة أي مريض يدّعي قلة النوم أو الألم المبرح ، وتشخيص الحالة بهدوء وروية ، والتعاطي مع الأمر بالروحية الرسالية والأخلاقية التي أقسم عليها حين نال شهادة الطب .
نعتقد أن الوازع الديني والأخلاقي والإنساني الذي يحمله معظم الأطباء والصيادلة ، هو من أهم نقاط القوة التي يمكن أن تحمي المجتمع بشكل عام ، وجيل الشباب على وجه الخصوص ، ولا يستطيع القانون لوحده أن يضبط السلسلة بين الطبيب والمريض والصيدلي ، ليبقى لحل الأمثل هو تحصين الطبيب والصيدلي أمام أية مغريات ، أو تهديد قد يتعرضون له ، فنحن لم يراودنا في يوم من الأيام أدنى شك بأن مجتمعنا غني وزاخر بأولئك المخلصين ، الذين يمارسون مهنتهم الإنسانية ويقومون بواجبهم الأخلاقي والرسالي على أكمل وجه ، ولا ينتظرون مقابلاً إلا تحقيق الغايات السامية وابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى .
سدات:
- إن الابتعاد عن الدين لدى بعض جيل الشباب هو السبب الأساس لجنوح هؤلاء نحو الإدمان .
- إن الدور الذي يلعبه الصيدلي الحريص على الأمن الاجتماعي ، هو من أهم وأخطر الأدوار ، وهو لا يقل أهمية عن دور رجل الأمن في حماية المواطن .
- لا بد للطبيب من الانتباه إلى دفتر الوصفات وإبقائه في مكان بعيد عن متناول من قد يسيء استخدامه.
- إن الوازع الديني والأخلاقي والإنساني الذي يحمله معظم الأطباء والصيادلة ، هو من أهم نقاط القوة التي يمكن أن تحمي المجتمع بشكل عام .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق