حول الهيئة الصحية الاسلامية

صورتي
تأسست الجمعية عام 1984 م في ظل الظروف المأساوية التي كان يعيشها اللبنانيون جراء الحرب الأهلية اللبنانية، حيث قامت الجمعية وقتذاك بأعباء الإسعاف الأوّلي والدفاع المدني قبل أن تنشئ الهيئة بعد ذلك المستوصفات والمراكز الصحية والمستشفيات في مختلف المناطق اللبنانية، وخاصة المحرومة منها، حيث الحاجة ملحة لذلك. ومن ثم حصلت الجمعية على الترخيص من وزارة الداخلية اللبنانية عام 1988 تحت علم وخبر 291/أ.د وبعده على صفة المنفعة العامة.

حرب الغاء المخدرات

تفشّت ظاهرة المخدرات أخيراً على نحو "مخيف"، وأصبحت كميات الهيرويين والكوكايين وحبوب الأكستاسي بمتناول الشباب في كل المناطق. فالمروّجون يحاولون دخول كل بيت. يجتاحون المدارس والجامعات والنوادي والملاهي، ما قد يستدعي وضع "خطة دفاعية" بوجه السمّ الذي يهدد اللبنانيين
يكاد يُجمع اللبنانيون، وهم نادراً ما يُجمعون على شيء، على أن بلدهم قد أصبح غارقاً في "مستنقع" المخدرات. مسؤولون سياسيون وأمنيون، مؤسسات وجمعيات، نُخب وفاعليات اجتماعية، جميعهم يعترفون بأن آفة المخدرات قد انتشرت أخيراً في لبنان "على نحو مخيف"، وأنها قد أصابت شبابه في الصميم وأنها ستزداد تفاقماً وستدخل كل منطقة، كل شارع، بل كل منزل. فالجميع معرّض ولا استثناء، ما لم توضع آلية لبرنامج وقاية وعلاج في أسرع وقت ممكن.
خلال العقود الماضية، بادرت أكثر من مؤسسة وجمعية لوضع خطط وقائية وعلاجية، لكن رياح النتائج لم تكن تأتي بما تشتهيه سفن المبادرين، نظراً لشراسة "العدو" وضعف إمكانات المواجهة اللازمة.
في 11/11/2009 دق الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله ناقوس الخطر، وأعلنها "حرباً ثقافية، إعلامية، اجتماعية، أمنية، قضائية، على تجارة المخدرات ، ومروّجي المخدرات، وبائعي المخدرات في لبنان، دون أن تأخذنا في هذا الأمر لومة لائم"، مؤكداً أن في هذه القضية "لا اعتبار طائفياً ولا مناطقياً ولا مذهبياً ولا عائلياً ولا عشائرياً، لأننا بهذا نحفظ لبنان ونحفظ عائلاتنا وبيئتنا ومستقبلنا". ومنذ ذلك اليوم، أخذت قضية مكافحة المخدرات منحى تفاعلياً استمر في التصاعد وصولاً إلى قام به رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون حيث جمع 30 جمعية ومؤسسة تُعنى بالعمل في مكافحة المخدرات، ودعاها إلى إنشاء "اتحاد لمكافحة فعّالة ومنظّمة".
كشف الجنرال عون في كلمته عن أمر في منتهى الخطورة، هو أن "بعض السياسيين يحمون تجارة المخدرات في لبنان ومتورطون فيها".
تحدّث الجنرال عن أمر استفزّه قبل أيام من لقائه مع الجمعيات ، فقال: "رأينا حادثاً فيه سلاح ومخدرات، وبصرف النظر عن المسؤولية السياسية، لم يتناول أحد الموضوع بجزئه الأخطر. هناك أشخاص كثر لديهم أسلحة في لبنان، لكن لا ينتحرون به ولا يقومون بقتل جيرانهم، لكن الخطر الثاني الذي لم يتناوله أحد هو قضية المخدرات التي ضُبطت هناك، وقد انفعلت لأن مجتمعنا يبدو غير واع للآفة التي يتعرض لها، وهي المخدرات التي تتسلل إلى كل البيوت في لبنان".
وفي أوائل شهر حزيران دق النائب وليد جنبلاط ناقوس الخطر بشدة معبراً (إن أزمة المخدرات ، تعبر كل الطوائف وتهدد كل أسرة في لبنان ، إلى أي تيار انتمت ) .
لا ممر ولا مقر للمخدرات
ماذا عن الزراعات البديلة، التي قيل الكثير عنها منذ انتهاء الحرب الأهلية، والتي لم تنجح في إقناع المزراعين بالتوقف عن العمل في زراعة المخدرات، لضآلة مردودها
نسب وأرقام "مخيفة"
رغم اعتراف المسؤولين بتفاقم ظاهرة المخدرات، لم تُجر حتى اليوم دراسة علمية شاملة عن وضع هذه الآفة في لبنان. هذا ما يؤكّده العديد من المتابعين لهذا الملف . مع الأخذ بعين الاعتبار إلى ضرورة إجراء المسؤولين الرسميين دراسة كهذه، قبل الشروع في أي برنامج للوقاية والعلاج، وإلا فلن يتم الوصول إلى النتيجة المرجوة.
وأما المؤسسات والجمعيات الأهلية ليس لديها القدرة على إجراء دراسة كهذه، نظراً لما تحتاج إليه من ميزانية ضخمة وعمل جبّار، فهي أولاً مسؤولية الدولة والأجهزة الرسمية . مع العلم أن المؤسسات تقوم بأعمال مهمة ، فالهيئة الصحية الإسلامية مثلاً تقوم بالعديد من الأنشطة الوقائية والإرشادية ، حيث قامت بعشرات المحاضرات والندوات ، كما وزعت عشرات الآلاف من المنشورات الوقائية من المخدرات والمنشطات .
وفي دراسات سابقة ، تناولت مناطق محددة من مدينة بيروت فقط ، أجرتها بعض المؤسسات ، كانت الملاحظة الأساسية هي تدني مستوى أعمار متعاطي المخدرات. فخلال 4 سنوات فقط، تدنى متوسط العمر من 28 عاماً إلى 17 عاماً، وهذه نسبة "مخيفة تستدعي التوقف عندها كثيراً". ومن الظواهر اللافتة أخيراً، أن نسبة المدمنين والمتعاطين من الإناث قد ارتفعت كثيراً .
أما في ما خص الأدوية التي تحتوي على مواد مخدرة، والتي باتت في الآونة الأخيرة تستعمل على نحو واسع، فهناك أعداد كبيرة من الأدوية من هذا النوع تدخل سنوياً إلى لبنان، يحتوي أكثرها على مادة الأفيون، وبهذه النسبة يكون لبنان من أكثر شعوب العالم استهلاكاً لهذا النوع من الأدوية، التي يوجد منها على شكل حبوب وسائلة وبودرة.
وفي سياق متصل، فإن علاج الإدمان ومتابعة المدمنين للوصول إلى الشفاء التام لا تتجاوز نسبة 12 منهم .
المخدرات وقوى الأمن
يضم السجن اللبناني اليوم أكثر من 1200 سجين في قضايا تتعلق بالمخدرات، وهذ الرقم يمثّل ثلث عدد السجناء تقريباً، بحسب رئيس مكتب مكافحة المخدرات العقيد عادل مشموشي. الذي دائما يدعو إلى عدم تسييس هذه القضية، بل ينبغي تكامل الأدوار للاستفادة من جميع الإمكانات، للحد من تفاقم الجريمة عموماً، وظاهرة المخدرات خاصة، "لكون الضالعين فيها غالباً ما يكونوا متورطين في جرائم مختلفة".
- المخدّرات والجامعات
في الجامعات الرسمية والخاصة، يتجادل الطلاب حول هوية نبتة الحشيشة، هل هي مخدّرات أم لا؟ يقول البعض إنها عشبة ومنعها يستوجب منع التدخين أيضاً.
الحشيشة بنظرهم، متهم بريء لم تثبت إدانته. في الضفة الأخرى، شباب مقتنعون بالرأي العلمي بشأن هذه النبتة المخدّرة.
أما حبوب الهلوسة، فلا جدال بخصوص انتشارها في قمصان بعض الشابات، وأيدي بعض الشباب في الملاهي الليلية. وفي بعض المناطق اللبنانية، تتجاوز مسألة المخدّرات البعد التجاري، لتتحول إلى جزء مكوّن من الثقافة الاجتماعية لمتعاطيها.
صعوبات كثيرة ستواجه العاملين في الحملات ضد المخدرات في الجامعات، في الأحياء الشعبية والراقية، في أماكن اللهو والتسلية المترفة والفقيرة، وحتى على الإنترنت.
وفي الإحصائيات الأخيرة ، حول تعاطي المخدرات في الجامعات الخاصة تبين أن :
44% من المواطنين يرون أنّ الحصول على المخدرات سهل.
28% يتعاطون الحبوب أو المخدرات أسبوعياً.
40% جربّوا المواد المخدّرة،
فيما يشير 51% إلى أنهم يعرفون مروج مخدرات.
أما النسبة الأقل (14%)، فهي للمسرفين في تناول المهدئات.
أرقام مقلقة يجب التنبه إليها ، ولا ننس ابدأ أن الوقاية خير من قنطار علاج .
إدمان المخدرات آفة تنتشر في كافة المجتمعات، غير أن طريقة معالجتها تختلف من بلد إلى آخر. وفي هذه العجالة سنقوم بإجراء مقارنة بين قوانين مكافحة المخدرات في مناطق مختلفة من العالم.
البلاد العربية
في البلاد العربية تُحظر كافة أنواع المخدرات ويمثل مدمنيها أمام القضاء ويحاكمون كمجرمين. وتعد مصر البلد الأكثر استهلاكا للمواد المخدرة، حيث تشير التقديرات إلى وجود مدمن واحد من بين كل خمسة أشخاص. وقد عملت دول عديدة في السنوات الأخيرة على إصلاح قانون مكافحة المخدرات للحد من هذه الظاهرة. ونذكر على سبيل المثال إقرار لبنان قانون جديد سنة 1998 يعتبر مدمن المخدرات ضحية ولا يجوز محاكمته كمجرم،  إذا وافق على تناول العلاج.وتم تعديل القانون بسبب الكم الهائل لضحايا المخدرات من الشباب اللبناني. ويذكر أن زراعة الحشيش والأفيون زادت في لبنان بعد الحرب الأهلية.
كذلك في الأردن يسعى المسؤولون إلى محاربة إدمان المخدرات عن طريق استراتيجية مزدوجة، تتمثل في معاقبة تجار المخدرات بقسوة، تصل في بعض الأحيان إلى حد عقوبة الإعدام، في الوقت نفسه يتم تقديم فرص كافية لعلاج المدمنين.
وتسير على نفس النهج مصر والجزائر والمغرب لاسيما بعد الارتفاع الملحوظ لعدد حالات الإدمان. من ناحية أخرى، تستعمل مادتي القنب والهيروين في معظم  البلاد العربية في الأدوية المركبة. وحتى اليوم يصعب إطلاق سجال مفتوح حول الإدمان، فأسطورة وجود مجتمع بلا مخدرات لا تزال تسكن الأذهان في العالم العربي.
ألمانيا
أما في ألمانيا الاتحادية فيشكل "قانون المواد المخدرة" القاعدة القانونية التي تنظم التعامل مع المخدرات كالحشيش والهيروين والأفيون والكوكايين وحبوب الهلوسة، ووفقا لهذا القانون فإن التعاطي المجرد للمخدرات لا يقع تحت طائلة القانون، وإنما يُحظر القيام بزراعة هذه المواد أو المتاجرة بها أو تسويقها أو ترويجها أو التعامل بها بأي شكل. كذلك يتم معاقبة حيازة المخدرات،ففي هذه الحالة تحدد كمية المخدرات درجة العقوبة وأقصاها خمسة سنوات. ويحق للادعاء العام تقرير ما إذا كانت الكمية المضبوطة للاستخدام الشخصي أم للاتجار بها. جدير بالذكر أن قوانين مكافحة المخدرات تختلف من ولاية إلى ولاية، لكن الثابت فيها أن العقوبة تعتمد على حجم الكمية المضبوطة.
هولندا
من بين جميع دول الإتحاد الأوروبي تنفرد هولندا بنهج سياسة ليبرالية حيال المخدرات الخفيفة مثل الحشيش والماريجوانا، حيث يتم غض النظر عن بيع كميات صغيرة من المخدرات الخفيفة وفقا لشروط منها عدم بيعها لغير البالغين، وعدم وجود شكاوى من قبل الجيران في أماكن تداولها، مع استمرار حظر البيع بكميات كبيرة. تنبع هذه السياسة البراجماتية من فشل سياسة الحظر التي تتبناها معظم الدول في القضاء على مشكلة الإدمان، لذلك عمدت هولندا إلى تقليل الأضرار الممكنة دون التركيز على القضاء نهائيا على الإدمان.
وقد بدأت هولندا سياستها الليبرالية عام 1976 وسط اندهاش وتشاؤم من قبل المراقبين الخارجيين. واليوم تعتبر نفسها أنها حلت جزءاً من المشكلة .
أمريكا اللاتينية
تنتج أمريكا الجنوبية 90 بالمائة من نسبة مخدر الكوكايين المتداولة في العالم، لكنها لا تسجل نسبة تعاطي مكافئة. حيث لا يتعاطى المخدر في القارة سوى 2 بالمائة من السكان. في المكسيك على سبيل المثال لا تتعدى نسبة التعاطي 0،3 بالمائة رغم أن البلاد محاطة بمنابع إنتاج الكوكايين. غير أن دراسة نشرت حديثا من قبل اللجنة الاقتصادية لامريكا اللاتينية ودول الكاريبي (ECLAC) تشير إلى نزوع نحو زيادة استهلاك المخدرات في المنطقة، ويعد مخدر المريجوانا أكثر المواد المخدرة استهلاكا في دول أمريكا اللاتينية. في الوقت نفسه تستمر عملية إنتاج المخدرات وبالأخص الكوكايين مع ازدياد الطلب في السوق. وتشير المنظمة الى ان 35 بالمائة من الكوكايين المنتج في اميركا اللاتينية يباع إلى الولايات المتحدة بينما 65 بالمائة منه إلى القارة الأوروبية.
الولايات المتحدة الامريكية : تختلف طريقة التعامل مع حيازة المواد المخدرة من ولاية إلى أخرى. فبعض الولايات تعتبر حيازة القنب مخالفة بسيطة ويعاقب عليها كمعاقبة قيادة السيارة بسرعة. ومؤخرا سُمح في بعض الولايات والمدن الأمريكية باستخدام مادة القنب لمعالجة بعض الأمراض، وهو الطريق الذي بدأت الولايات الأخرى تسلكه تباعا. أما مخدر الهيروين فيحظر استخدامه في كافة أشكاله. جدير بالذكر أن المناقشات حول جدوى عدم تجريم تعاطي المخدرات تحدث خارج إطار المؤسسة السياسية ولا تحظى باهتمام الحزب الديموقراطي أو الجمهوري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق